شبكة قدس الإخبارية

كيف اخترق المراسلون الإسرائيليون الوعي الفلسطيني؟

gyisuib8fb43
سائد نجم

رام الله – خاص قدس الإخبارية: أعاد ظهور صهيب يوسف نجل القيادي في حركة حماس الأسير حسن يوسف في تقرير للقناة 12 العبرية، قضية التعامل مع الصحافة الإسرائيلية إلى واجهة الاهتمام الشعبي، كرفض لفكرة التعامل مع أذرع الاحتلال.

يأتي ذلك في وقت قد يباغت المراسل الإسرائيلي الفلسطينيين في الضفة المحتلة، بانتزاع لقاء عن حال البلد دون أي مقدمات، أو مفاجأة الأسرى المحررين وذوي الشهداء في لحظات صاخبة، بالإضافة إلى لقاءات مع عدد من السياسيين، لتصدير مشهد يُراد له أن يبدو مألوفا.

ويثير مشهد المراسل الذي يتنقل بين أزقة المدن الفلسطينية وخارجها، بعد أن أدى خدمة الجيش بالوقوف على حواجزها العسكرية، تساؤل المراقبين، بأن كيف للمواطن الفلسطيني أن يقبل بإجراء مقابلة مع جندي سابق قد يكون أوقفه أو اقتحم منزله؟

الأسير المحرر خليل أبو حاشية من مخيم بلاطة والذي أمضى 15 عاماً في سجون الاحتلال، نادمٌ على موافقته إجراء المقابلة مع المراسل الإسرائيلي، لِما حصل من تحريف للسياق وتشويه الصورة، والتي أظهر فيها المخيم كأنه بؤرة إرهاب وتخلف، وتم استخدام أبو حاشية في المقابلة، كما أن الشاباك استعمل التقرير ضده عند مروره من معبر الأردن.

ويبرر أبو حاشية لـِ "قدس الإخبارية" قبوله الظهور في تقرير لقناة تتبع للعدو، بسبب تفاجئه بالمراسل بين الحشود أولاً، حيث لم يكن مهيئاً نفسياً، فوقع في حيرةٍ بين أن ما سيقوله سيصل لمخابرات الاحتلال، وبين أن هناك رسالة يجب أن يوصلها لرفاقه، فالقنوات الوحيدة المتاحة للأسرى في السجون هي العبرية فقط.

ويذكر أبو حاشية أن ذات المراسل تواصل معه بعدها أكثر من مرة عبر الهاتف، لإجراء مقابلة والسؤال عن الأحاديث الداخلية تجاه بعض القضايا والتطورات، ولكنه رفض التعاطي مع الأخير بالمطلق، كذلك عندما جاء كاتب إسرائيلي إلى مكتب يافا الثقافي بالمخيم، وأراد التواصل لكنه جوبه بالرفض.

ويتفق والد الاستشهادي نائل عزمي أبو هليِّل من بيت لحم مع أبو حاشية، في قطعية عدم الظهور عبر وسائل إعلام إسرائيلية في الوضع الطبيعي، وأن الكاتب والصحفي الإسرائيلي "يوني بن مناحم" باغته وجوده بين جمع الإعلاميين عقب الإعلان عن استشهاد نجله في عملية عام 2002، فكان دافعه من قبوله إجراء المقابلة حاجته لتفريغ غضبه وإظهار التحدي للعدو.

اللجنة الوطنية الفلسطينية للمقاطعة (BDS) تعتبر التعامل مع وسائل الإعلام العبرية تطبيعاً، ودعت إلى عدم الظهور أو الكتابة فيها، وذلك كونها متواطئة وتروّج للفكر الصهيوني الذي ينتهك الحقوق الفلسطينية.

وأوضحت اللجنة في رد خاص لـِ "قدس الإخبارية"، أن التطبيع الإعلامي يشمل التعامل مع المواقع وصفحات التواصل الاجتماعي الإسرائيلية، منها: الحاكم العسكري "المنسّق"، "بدنا نعيش"، المتحدث باسم جيش الاحتلال، وغيرها من الصفحات التي تروّج للاحتلال.

بدوره، يعارض المحلل السياسي والكاتب د. عادل سمارة التطبيع والظهور على القنوات ووسائل الإعلام العبرية التابعة للاحتلال الإسرائيلي.

ويعتبر سمارة التطبيع أنه عملية "استدخال الهزيمة"، بحيث يصبح النظر إلى الاحتلال على أنه عادي وأمر واقع يجب الرضى به، بما في ذلك التعاطي مع الإعلام الإسرائيلي.

ولا يفصل سمارة الصحافة الصهيونية عن كونها آلة تطبيع يستخدمها الاحتلال مع المجتمع الفلسطيني، فهي تهدف إلى تكريس فكرة القبول بالكيان الصهيوني على أنه هو الدولة أو المؤسسة الطبيعية، لذلك فإن محاولاتهم ليست مسألة صدفة أو عبثية.

ويرى سمارة أن الفلسطينيين لم يُجمعوا على رفض التطبيع بعد 71 عاماً من الاحتلال الإسرائيلي، فالعدو على مرّ التاريخ يصنع التطبيع، ويقاطع الفلسطينيين والعرب.

ويحمّل سمارة مسؤولية جهل المواطنين إلى الحركة الوطنية، كونها لم تستطع أن تنقل الفلسطينيين من حركة مقاومة إلى ثورة في الوعي والثقافة والانتاج والتنمية.

ما جعل نسبة القبول بالتعامل مع الصحافة الإسرائيلية ترتفع، من وجهة نظر سمارة، هي اتفاقية "أوسلو" التي سعت من البداية إلى تكريس الوجود الصهيوني والتطبيع معه، فإذا لم تتوقف أوسلو لن يتوقف التطبيع العربي، وعند مشاهدة المواطن للمسؤول يتعامل بشكل عادي مع الإسرائيليين، فسيرى التطبيع أمراً عادياً.

بدوره، يقول محمد الجعفري منسق فصائل منظمة التحرير الفلسطينية في محافظة بيت لحم لـ "شبكة قدس" إنه لا يكسر بتعامله ولقاءاته حاجز (التطبيع مع الصحافة الإسرائيلية) أمام أفراد حركته (فتح)، كونه يعتلي مكانة قيادية، وفي ذلك لم يواجهه أي فصيل من منظمة التحرير بالاعتراض يوماً، وقد سبقه في ذلك -حسب رأيه- الزعيم الراحل ياسر عرفات في تونس ومن ثم الوطن المحتل، وكذلك الرئيس محمود عباس، واللواء جبريل الرجوب، فلم يرِد أي حظر للتواصل مع الصحافة الإسرائيلية.

وأصدرت نقابة الصحافيين الفلسطينيين العديد من القرارات والمطالبات الرسمية للمسؤولين الفلسطينيين والشخصيات العامة بعدم الخروج في تصريحات عبر القنوات والوسائل الإعلامية الإسرائيلية إلا أن هذه المطالبات والقرارات لم تطبق وبقيت حبراً على ورق.

في حين يتهم الصحافيون والعاملون في المجال الإعلامي الحكومة والأجهزة الأمنية الفلسطينية بتسهيل عمل الصحافيين الإسرائيليين وعدم منعهم من العمل داخل المدن والبلدات الفلسطينية المختلفة وتحديداً في الضفة المحتلة.