شبكة قدس الإخبارية

الأب إبراهيم نيروز: كفى!

41

في ضوء ما حدث بقرية جفنا قبل أيام، أقول: إن هناك أمور تعتبر من الثوابت الوطنية والاجتماعية، ولا يمكن العبث بها حتى ولو من باب: –زلة لسان كما ادعى هؤلاء الذين صرخوا بأهل جفنا مهددين إياهم بفرض الجزية عليهم،: ولا على سبيل المزاح أو المداعبة التي ادعى بها قبل مده قائل عبارة: جماعة مري كرسيمان عن المسيحيين،، رغم إيماني القاطع أن الأمر لم يخرج عن كونه سلوكاً شاذاً، وأمراً استثنائياً، وجد إدانة كبيرة من كل الجهات الرسمية والشعبية والوطنية وكل الخيرين من أبناء شعبنا، وليس لديه حاضنة مجتمعية أبداً، لأنه غريب عن فكرنا وحياتنا وتاريخنا النضالي والوطني والاجتماعي.

لكن العتب على قدر المحبة، والحرص واجب، وقرع جرس الإنذار ضروري، كي نفتح عيوننا وننتبه لحياتنا لئلا يستغل أحد المسألة ويتسلل إلينا.

ولا يشفع لأحد أنه علماني ومؤطر بأطر علمانية أو شي من هذا القبيل، أرجوكم أيها الأخوة: إذا حصلت أي مشكلة مجتمعية، فلا يجب أن تخرج من إطارها الصحيح ومن كونها مشكلة موضعية محددة وطبيعي حدوثها بين الناس، ومن الخطر جرّها وتوظيفها وإلباسها ثوبًا آخر وخاصة إذا كان هذا الثوب ثوبا دينيا، قد يخلق حالة من النفور الاجتماعي أو الاحتقان النفسي لدى البعض.

هكذا أمور ستعمق حالة الشعور بعقدة الأقلية والاستضعاف لدى المسيحيين الفلسطينيين الذين هم شركاء الأمل والالم.

أجدادهم الذين قاوموا الرومان، وهم الذين استقبلوا الجيوش الإسلامية واعتبروهم أخوة لهم بالعروبة، فالمسلم الفلسطيني اليوم هو: إما ابنهم الذي أخذ الإسلام دينا بفترة تاريخية معينة، وإما من أحفاد من أتى مع الجيوش الإسلامية واستقبله الأجداد ببلادنا، لذا فإن المسيحي الفلسيطيني هو ابن عمك، أو جده الذي استقبل جدك واستضافة مرحبًا، وكلنا يعلم أن فلسطين دخلت ضمن الدولة الإسلامية بعهدة عمرية سلمية تصالحية جميلة علمت الكون درساً، وحافظت على حقوق الجميع، وقعها البطريرك العربي للقدس البطريرك صفرونيوس والخليفة الفاروق عمر بن الخطاب، بجو من التسامح والألفة والسلام.

من الخطر العمل على تعميق عقدة الأقلية بنفوس من آثر البقاء على أرضه، وفضل الصمود بوطنه وعلى أرض أجداده، رغم كل التحديات، فبعد أن كان المسيحيين الفلسطينيين قبل مئة عام ٢٠% من المجتمع الفلسطيني، اليوم قد لا يصلوا إلى ١% من تعداد الشعب، ليعلم الجميع أن من بقي على أرضه هو من آثر الصمود ليقف إلى جانب شعبه ليشارك أخوته المسلمين الخندق والزنزانه والرصاصة والأمل والألم والفرح وشجرة الزيتون ورائحة الطيون والزعتر، بهذه البلاد المقدسة، والسلطة الحاكمة تتحمل المسؤولية كاملة بكل الأحوال، ولا يمكن إعفائها من دورها، بدأ من رئيس الوزراء الجديد الذي يحمل حقيبة الداخلية أيضاً، وكل مجلسه الوزارة وكل القوى الأمنية على اختلافها، أحملكم المسؤولية كامله عن أي فعل قد يحدث هنا أو هناك ويؤدي إلى رحيل البقية الباقية من شعبنا المسيحي في فلسطين، أو يسهم بتعميق عقدة الأقلية، أو عقدة الاغلبية، يكفي الاحتلال الجاثي على الصدور.

أعطوا انتباهاً للمناهج، وغرف التدريس بالمدارس، وطوابير الصباح التي تشحن الجيل الصاعد، انتبهوا للخطاب الديني المنبري، والإعلامي بالصحف، والإذاعات والتلفزيون، أعطوا الانتباه أكثر لتنمية القدرات الفكرية والتحليلية والنمو الاقتصادي والذهني، يكفي إنتاج جيل لا يقوى إلا على العمل بالمستوطنات وإلقاء كلمات التخوين والتكفير والتحقير تعبيرات الجزية وغيرها، لنعمل على إنتاج جيل يحتل العالم بعلمه وفكره وحضوره الإيجابي، مناهجنا وتعليمنا هو الأمل، وأقول أكثر من ذلك، المناهج المدرسة ستكون هي الأساس لتحرير فلسطين إن اردنا،، أرجوكم: أن انتبهوا، وليس مقبولًا زلة اللسان أو المزاح أو المداعبة بأمور الثوابت الوطنية، فلا تعمق عقدة الأقلية بنفوس أحد ولا تنمي عقدة الأغلبية بنفوس أحد، نحن شعب واحد لدينا منطق المواطنه الذي يحدد لكل منا حقه وواجبه وغير ذلك سيكون غير مقبول، حتى ولو من باب المزاح أو الفلتان أو زلة اللسان.