شبكة قدس الإخبارية

31 عاماً على استشهاد خليل الوزير

خليل الوزير
هيئة التحرير

رام الله – قدس الإخبارية: يصادف اليوم الثلاثاء الذكرى الـ 31 لاستشهاد القيادي الفلسطيني الكبير خليل الوزير "أبو جهاد" في عملية اغتيال نفذتها وحدة إسرائيلية خاصة في تونس.

مولده وبداية عمله النضالي

ولد القائد خليل إبراهيم محمود الوزير "أبو جهاد" في 10 تشرين أول عام 1935 في مدينة الرملة بفلسطين التي غادرها أثر حرب 1948 إلى غزة مع عائلته.

كرس نفسه للعمل الفلسطيني المسلح ضد الاحتلال الإسرائيلي انطلاقاً من غزة، وانتخب أميناً عاماً لاتحاد الطلبة وفيها شكل منظمة سرية كانت مسؤولة في عام 1955 عن تفجير خزان كبير للمياه قرب قرية بيت حانون في عام 1956 درس في جامعة الإسكندرية، ثم غادر مصر إلى السعودية للتدريس حيث أقام فيها أقل من عامْ ثم توجه إلى الكويت التي ظل فيها حتى العام 1963.

خلال وجوده في الكويت تعرف على أبو عمار وشارك معه في تأسيس حركة فتح، وتولى مسؤولية "مجلة فلسطينيا" التي تحولت إلى منبر لاستقطاب المنظمات الفلسطينية التي كانت متناثرة في العالم العربي.

في تشرين ثاني 1963 غادر الكويت إلى الجزائر حيث تولى مسؤولية أول مكتب لحركة فتح وحصل من السلطات الجزائرية على إذن بالسماح لكوادر الحركة بالاشتراك في دورات عسكرية في الكلية الحربية في الجزائر وعلى إقامة معسكر تدريب للفلسطينيين المقيمين في الجزائر.

أقام أول اتصالات مع البلدان الاشتراكية خلال وجوده في الجزائر، وفي عام 1964 توجه برفقة أبو عمار إلى الصين التي تعهد قادتها بدعم الثورة فور انطلاق شرارتها، ثم توجه إلى فيتنام الشمالية وكوريا الشمالية 1965 غادر الجزائر إلى دمشق حيث أقام مقر القيادة العسكرية وكلف بالعلاقات مع الخلايا الفدائية داخل فلسطين شارك في حرب 1967 بتوجيه عمليات عسكرية ضد الجيش الاحتلالي في الجليل الأعلى.

كان له دور بارز خلال حرب لبنان وفي تثبيت قواعد الثورة هناك، وبين عامي 76-1982 تولى المسؤولية عن القطاع الغربي في حركة فتح الذي كان يدير العمليات في الأراضي المحتلة.

عكف الشهيد أبو جهاد على تطوير القدرات القتالية لقوات الثورة وأدار العمليات ضد الاحتلال الإسرائيلي انطلاقاً من الأراضي اللبنانية وكذلك المواجهات انطلاقا من الأراضي اللبنانية وكذلك المواجهات مع قوات الاحتلال.

كان له الدور القيادي خلال الغزو الإسرائيلي للبنان عام 1982، خلال معركة الصمود في بيروت التي استمرت 88 يوماً عام 1982.

غادر بيروت مع أبو عمار إلى تونس 1984 وتوجه إلى عمان ورأس الجانب الفلسطيني وفي اللجنة المشتركة الأردنية-الفلسطينية لدعم صمود الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة، برز اسمه مجددا أثر اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى في الضفة والقدس المحتلتين.

اغتياله

وصلت كتيبة الموت التابعة للموساد الإسرائيلي إلى تونس في عام 1988 لاغتيال أبو جهاد، وتمكنت من الوصول إلى ذلك الحي المهم في العاصمة التونسية الذي يوجد فيه المنزل الذي يقيم به أبو جهاد، و تمكنه من الدخول إلى المنزل وقتل أبي جهاد أمام ناظري عائلته، ولم تعترف "إسرائيل" بمسؤوليتها عن فعلتها لأكثر من 9 سنوات حتى نطقت واعترفت بالجريمة.

ففي عام 1997 كشفت الصحف الإسرائيلية عن تفاصيل العملية الدقيقة والتي استخدمت فيها الطائرات والزوارق وقبل ذلك عملاء الموساد.

وكانت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية في عددها الصادر بتاريخ 4 تموز كانت أول جهة إسرائيلية تشير صراحة و بالتفصيل لتورط الموساد الإسرائيلي في العملية التي أودت بحياة نائب القائد العام لقوات الثورة الفلسطينية.

قالت "معاريف"، دون أن يكذبها أحد في تل أبيب، "إن من نفّذ العملية وحدات كوماندوز خاصة تابعة لهيئة الأركان "الإسرائيلية"، وهي الأقوى في جيش الاحتلال "الإسرائيلي" بحسب زعمها، في منزل أبو جهاد ليلة 15 - 16 نيسان 1988، وتم تنظيم العملية كعملية عسكرية واسعة النطاق.

وتم نقل المشاركين في الاغتيال على متن أربع سفن، من بينها اثنتان نقلت عليهما مروحيتين، لاستخدامهما في حالة الاضطرار لعملية إخلاء طارئة إذا حدث أي خلل أو طارئ غير متوقع.

وكشفت الصحيفة أنه تم إعادة (بناء) فيلا أبو جهاد التي كان يقطن بها في تونس العاصمة بتفاصيلها الدقيقة في مقر قوات الاحتلال بتل أبيب اعتماداً على عملاء لجهاز الموساد، الذي ساعد رجاله في تدريب الوحدات العسكرية على العملية داخل الفيلا الشبيهة في تل أبيب.

وقالت الصحيفة "إن إيهود باراك مساعد رئيس الأركان وقت تنفيذ العملية، وزعيم حزب العمل عند نشر هذا التقرير في معاريف، هو الذي أعد للعملية وأشرف على عملية الاغتيال من البحر قبالة شواطئ تونس، وهو صاحب سجلّ حافل في عمليات الاغتيال".

و لكنه لم يكن وحده، فمعاريف نشرت صور وأسماء القيادات التي خطّطت ونفّذت تلك العملية وأبرزهم: "إسحاق شامير" رئيس حكومة الاحتلال وقت ذاك الذي صادق على عملية الاغتيال وبعد تنفيذ العملية بنجاح أرسل برقية تهنئة لمنفّذيها، وكذلك "إسحاق رابين" وزير الجيش في حكومة الاحتلال الذي أيّد تنفيذ العملية في جلسة المجلس الوزاري المصغر، و"آمنون شاحاك" رئيس الاستخبارات العسكرية الذي وفّر معلومات لازمة لتنفيذ العملية بنجاح، و"ناحوم أدموني" رئيس جهاز الموساد الذي قدّم أيضاً معلومات دقيقة لإنجاح العملية، و"إيل رجونيس" ضابط الاستخبارات في دورية هيئة الأركان والذي بدأ، كما تقول الصحيفة، بجمع معلومات في نهاية عام 1987 بعد تسريحه من الجيش، و"دان شومرون" رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي صادق على عملية الاغتيال.

وتكشف الصحيفة، أن قوات الاحتلال استعانت بطائرة بوينغ 707 كانت تحلّق قرب الشواطئ التونسية لجمع معلومات وبثها والتنصت على الهواتف التي يستخدمها القادة الفلسطينيون.

وأشارت الصحيفة إلى أنه أثناء الاستعداد لتنفيذ عملية الاغتيال، تمكّنت دوريات بحرية (إسرائيلية) بمساعدة شبكة الموساد في تونس، من التسلل إلى الشواطئ التونسية لتحديد المكان الأكثر أمناً لانطلاق وحدة الكوماندوز التي أوكل إليها مهمة تنفيذ الاغتيال.

ومن أهم ما نشرته الصحيفة (تفاصيل) اتخاذ القرار باغتيال أبو جهاد، وربما يساعد ذلك في فهم (التفكير) الإسرائيلي في مثل هذا النوع من الاغتيالات و الذي طال، هذه المرة، أعلى رتبة عسكرية وسياسية فلسطينية ضمن سلسلة الاغتيالات التي نفّذتها قوات الاحتلال.

قالت (معاريف) إنه في 8/3/1988، وبعد انتهاء عملية اختطاف الباص الذي كان يقلّ موظفي مركز الأبحاث النووية في ديمونا، عقد مجلس الوزراء المصغر بحكومة الاحتلال، وعلى رأس جدول الأعمال اقتراح قدّمه جهاز الموساد باغتيال أحد أفراد منظمة التحرير الفلسطينية ولكنه هذه المرة كان: أبو جهاد.

لماذا اتخذ القرار باغتيال أبو جهاد؟

تقرّ (معاريف) العبرية بأن هناك أسباباً عديدة كانت وراء قرار اغتيال أبو جهاد، ووضعت في المقدمة من هذه الأسباب الدور الرئيس لأبى جهاد في الانتفاضة الفلسطينية الكبرى، ولكن حديثها عن الأسباب الأخرى يكشف بأن قرار اغتيال أبو جهاد لم يكن وليد تلك الظروف المتعلقة بالانتفاضة، فالصحيفة تدرج سبباً رئيساً آخر يتعلق بدور أبو جهاد السابق في العمل المسلح ضد الاحتلال الإسرائيلي خلال سنوات طويلة ماضية.

ويسرد الصحافي الايرلندي غوردون طوماس في كتابه (انحطاط الموساد) ما جرى في تلك اللحظات الحرجة "في 16 نيسان 1988 صدر الأمر بالتنفيذ، في تلك الساعة أقلع عدد من طائرات بوينغ 707 التابعة لسلاح الجو الإسرائيلي من قاعدة عسكرية تقع جنوبي تل أبيب، كانت واحدة تقلّ "إسحاق رابين" وعدداً من كبار الضباط بجيش الاحتلال، وكانت على اتصال دائم عبر لاسلكي سري بفريق الاغتيال الذي اتخذ أفراده مواقعهم بقيادة عميل اسمه الرمزي سورد، كانت الطائرة الأخرى مكدسة بأدوات المراقبة والتشويش، وكانت طائرتان أخريان تنقلان خزانات الوقود، وعلى ارتفاع شاهق فوق الفيلا حام أسطول الطائرات في الفضاء وهو يتابع كل حركة على الأرض عبر تردّد لاسلكي، وبعيد منتصف الليل في 16 نيسان سمع الضباط المحمولون جواً أن أبا جهاد قد عاد إلى منزله بسيارة المارسيدس التي كان ياسر عرفات قد قدّمها له كهدية عرسه".

ويكمل طوماس: "من موقع قرب الفيلا، أعلن سورد عبر ميكروفون يعمل بحركة الشفاه أنه يسمع أبا جهاد وهو يصعد السلالم ويذهب إلى غرفة نومه ويهمس شيئاً لزوجته ويمشي على أطراف أصابعه إلى الغرفة المجاورة لتقبيل ابنه النائم قبل أن يمضي إلى مكتبه في الطبقة الأرضية، كانت طائرة الحرب الإلكترونية، وهي النسخة (الإسرائيلية) لطائرة الرادار الأميركية "إيواكس"، تلتقط هذه التفاصيل وتحوّلها إلى رابين في طائرة القيادة، وعند الساعة 12:17 صباحاً صدر أمره بالتنفيذ".

وبعد قرار التنفيذ هذا كان على (سورد)، أن يأمر رجاله بالتنفيذ، فأجهز أحد رجاله على سائق أبو جهاد الذي كان نائماً في سيارة المارسيدس.

ثم تحرّك (سورد) نفسه مع أحد رجاله وفجّرا بوابة الفيلا بمتفجرات بلاستيكية لا تحدث صوتاً، ثم قتلا حارسين فوجئا بالموقف على ما يبدو، ومن هناك اندفع (سورد) إلى مكتب أبي جهاد فوجده يشاهد شريط فيديو، وقبل أن ينهض أطلق النار عليه مرتين في صدره، ولم يكتف (سورد) بذلك، فأطلق رصاصتين إضافيتين على جبهته.

وبعد كل تلك السنوات من تنفيذ العملية اعترفت الأوساط الإسرائيلية أن العملية فشلت في هدفها الأساسي وهو إخماد الانتفاضة، بل إن الانتفاضة تصاعدت أكثر فأكثر.

فالرصاصات التي أطلقها رجال الكوماندوز الإسرائيلي صحيح أنها أنهت حياة أبو جهاد على الأرض ولكنها فجرت غضبا لا تزال "إسرائيل" تكتوي بناره حتى اليوم.