شبكة قدس الإخبارية

ضمّ الضفة تبديد لأوهام السلطة

2016100770348
رضوان الأخرس

في سبتمبر من العام 2012، حصلت فلسطين على مركز دولة غير عضو بصفة مراقب في الأمم المتحدة، حينها احتفلت «السلطة الفلسطينية» بما عدته إنجازاً تاريخياً للشعب الفلسطيني، من شأنه أن يكون الحلقة الأولى لاستعادة كامل الحق الفلسطيني.


أنصار محمود عباس وفريقه عدوا الأمر تتويجاً لخطهم السياسي، ودليلاً على نجاعته وأهميته، كرنفالية طويلة احتفى بها كثير من الفلسطينيين الذين يتعطشون لكل ما من شأنه أن يعيد لهم شيئاً من حقوقهم المسلوبة، وإن كانت معنوية.


بعدها غيّرت السلطة ترويسة أوراقها الرسمية، لتحمل اسم دولة فلسطين عوضاً عن «السلطة الوطنية الفلسطينية»، ربما كان هذا هو التطور أو التغيير الأبرز الذي طرأ على المعادلة السياسية منذ ذلك القرار، كما أن السيادة كانت أيضاً على الورق، فمستوطن إسرائيلي واحد بإمكانه أن يغلق شارعاً بأكمله، ويوقف دورية لأمن السلطة، ويحتجزها دون أن يحرك ساكناً، كما أن رئيس وزراء تلك السلطة ذاته يخضع لتلك الظروف والاعتبارات الميدانية.


ازدادت وتيرة الاستيطان في الضفة الغربية منطقة نفوذ السلطة الفلسطينية أو ما أصبح اسمها على الورق «دولة فلسطين» على نحو غير مسبوق، وابتلع الاحتلال مساحات شاسعة من أراضي الفلسطينيين وشق الشوارع الاستيطانية، كما أعلن ترمب عن ضم القدس لما يسمى «إسرائيل» بشرقها وغربها، وأخيراً بات نتنياهو وأقطاب كيان الاحتلال يهددون بضم الضفة أو غالبيتها لما يسمى «إسرائيل».


من الواضح أن السلطة الفلسطينية ومشروعها السياسي تحتضر، فإن كانت غزة وفصائلها تتعرض لأزمات مرحلية خطيرة للغاية، فإن السلطة تتعرض لتهديد وجودي، وقد كتبت أكثر من مقال في هذا الاتجاه خلال السنوات الأخيرة منها: «الضفة في مواجهة يهودا والسامرة» و«تجريد الفلسطينيين من السلطات». يتجه الاحتلال لإلغاء الصفة السياسية عن الكيانات الفلسطينية، يساعده في ذلك إلى حد كبير الواقع المتشكل في الضفة الغربية بفعل «التنسيق الأمني»، فهو لا يريد أكثر من أجهزة أمنية تضمن له أمنه وتمدده بشكل آمن.


لا تغيب هذه المعطيات حتى عن متزعمي السلطة الفلسطينية في رام الله، كما أن كثيراً من التقارير الإسرائيلية تحدثت عن ذلك، وبعضها ربط الأمر بموت محمود عباس، ذلك أنه لا توجد تهيئة ولا توافق على بديل محتمل له، كما أن فرص إجراء انتخابات تبدو شبه معدومة في ظل وجود الانقسام الفلسطيني.


في انهيار السلطة مخاطر على الاحتلال المتخوف من الفوضى وانفلات الأمور وتفجر الأوضاع، وأيضاً على الفلسطينيين، خصوصاً الذين يتلقون الخدمات والمرتبات من مؤسساتها المختلفة، ومع تفاقم الأوضاع وتراجع أشكال الدعم للقضية الفلسطينية والمجتمع الفلسطيني، بما في ذلك تقليص خدمات الـ «أونروا» والتهديد بوقفها، تتعاظم المخاطر.


لا تغيب هذه المعطيات عن قادة السلطة، إلا أنهم بدلاً من مواجهة المخاطر بتكاتف وطني وإعادة تقييم خطهم السياسي، يذهبون إلى تحميل غزة المسؤولية عن ذلك، واتهامها بمحاولة إقامة دولة بعيداً عن الضفة، غير أن الواقع يقول إن الاحتلال يسحب الضفة من تحت أرجل السلطة، وإن استمر في ذلك فلن يبقى سوى غزة، فكأنهم يُسلمون بما هو آتٍ مع اجتزاء الحقيقة، أو هي محاولة استباقية لنفي تهمة التفريط باتهام الآخرين!