شبكة قدس الإخبارية

هل يتسبب نتنياهو بحرب مع لبنان لحفظ ماء وجهه؟

96

فلسطين المحتلة- قُدس الإخبارية: يُراقب الإسرائيليون بحذرٍ وتخوف، التطورات على “الجبهة الشمالية”، مع لبنان، بعد أن أطلق جيش الاحتلال عملية عسكرية لتدمير أنفاقٍ يقول إن حزب الله اللبناني حفرها من الأراضي اللبنانية، باتجاه شمال فلسطين المحتلة، لاستخدامها في تنفيذ عمليات خلال الحرب المقبلة.

هذه العملية توصف بأنها “الأولى من نوعها” ضد الحزب، وتأتي تزامنًا مع أسوأ مرحلة يمر بها بنيامين نتنياهو -على المستوى الداخلي- منذ توليه رئاسة حكومة الاحتلال قبل سنوات، وذلك بعد “فقدان الردع” تجاه قطاع غزة، ومع تصاعد الاتهامات ضده بالفساد، والدعوات لتقديم استقالته.

ودفع جيش الاحتلال بتعزيزات عسكرية كبيرة إلى منطقة المطلة شمال فلسطين، صباح الثلاثاء، وأعلن “المطلة” منطقة عسكرية مغلقة، على أن يتم توسيع العمل لاحقًا في هذا الإطار ليشمل مناطق أخرى.

وسرعان ما أعلن جيش الاحتلال عن العثور على نفق قال إنه يخترق شمال فلسطين مسافة 40 مترًا، مبينًا أنه يبدأ من داخل منزل في قرية كفر كلا جنوب لبنان، وهو محفور في الصخور، ومرتفعٌ إلى حدٍ يسمع بأن يمشي فيه شخصٌ معتدل الظهر.

إثر ذلك، أمر رئيس حكومة الاحتلال بعقد اجتماعٍ طارئ للمجلس الوزاري الأمني الإسرائيلي المصغر “الكابينيت”، مساء الثلاثاء، سيُعقبه مؤتمر صحافي يتحدث خلاله نتنياهو -الذي تسلّم مؤخرًا وزارة الجيش بدلاً لـ ليبرمان- حول هذه العملية.

هذا التسارع الكبير في الأحداث، أثار تساؤلاتٍ لدى المعارضة الإسرائيلية والصحافة أيضًا، عن ما ستؤول إليه الأمور مع لبنان بعد العملية الجديدة، كما دفع مراسلي الصحافة الإسرائيلية للتوجه إلى الحدود بين دولة الاحتلال، ولبنان، دون أن ينسى مُعارضون وصحافيون، الربط بين الفشل الذريع الذي مُني به جيش الاحتلال في جولة التصعيد الأخيرة مع المقاومة في قطاع غزة الشهر الماضي، وبين هذه العملية، إذ رأوا فيها محاولة من نتنياهو لتدارك تراجع شعبيته، خاصة مع التوصية التي قدمتها الشرطة الإسرائيلية بإحالته وزوجته سارة إلى المحاكمة بتهم فساد.

رئيس حزب “المعسكر الصهيوني” يؤال خسون، هاجم نتنياهو بسبب هذا القرار، وقال: “المعارضة بحاجة إلى الإجابات، هل هذه عملية درع شمالي أم عملية درع نتنياهو؟”.

المحللون في الشأن العسكري رون بن يشاي، وروني دانييل، وأليكس فيشمان، ذهبوا في تحليلاتٍ منفصلة إلى رأيٍ موحد يميل إلى أن حكومة الاحتلال ستخرج نحو الحرب من أجل ترميم الحالة المتدهورة التي تعيشها هذه الحكومة برئاسة نتنياهو.

رغم ذلك، فقد أعلنت خارجية الاحتلال، أن سفراء الاحتلال راسلوا رأس الهرم في البلدان التي يتواجدون فيها، وأخبروهم بأن عمل الجيش ينحصر داخل “الأراضي الإسرائيلية” فقط، أي داخل الأراضي المحتلة شمال فلسطين، وأن “إسرائيل” غير معنية بالتصعيد مع لبنان. لكن هذا التصريح يُخالف تصريحًا نقلته صحيفة “هآرتس” العبرية عن الناطق بلسان جيش الاحتلال، حيث قال إن العمل على تدمير الأنفاق سيشمل الأراضي اللبنانية أيضًا، وليس في فلسطين المحتلة فقط.

صحيفة “هآرتس” ذاتها نقلت “تقديراتٍ أمنية إسرائيلية” جاء فيها أن حزب الله سيردُّ على النشاطات الإسرائيلية على الحدود، وأي مساس بحياة جنوده سيدفعه إلى الرد. فيما قال ضابط متقاعد في استخبارات الاحتلال إنه “يكفي خطأ صغير من أحد جنودنا وسننجر لحرب مدمرة”.

أما صحيفة “إسرائيل اليوم” فنقلت عن الضابط الاحتياط في جيش الاحتلال تسفيكا فوغل قوله إن حزب الله سيقوم بالبحث عن هدف قريب لجيش الاحتلال وضربه دون الوصول لحرب. فيما رأى الضابط عاموس جلعاد أن حزب الله لن يرد على عملية كشف الأنفاق، لأنه هو من بدأ بخرق المعاهدات والاتفاقيات الدولية بحفر الأنفاق داخل “حدود إسرائيل” حسب قوله.

على الجانب الآخر، سارع “الإعلام الحربي” التابع لحزب الله اللبناني إلى نشر صورٍ تُظهر جنود الاحتلال في منطقة النشاط العسكري. واللافت في هذه الصور أنها التُقِطَت من مسافة قريبة، وبدت وجوه الجنود فيها واضحة. كما وثّقت هذه الصور وصول آليات حفر وجرافات إلى المنطقة.

ونُسِبَ إلى مصادر في حزب الله تأكيدها أنها تُراقب الحدود بشكل تام، وأن جميع مقاتليها في حالة تأهب وجهوزية تامة للتعامل مع أي طارئ.

فيما أعلن الجيش اللبناني أن الوضع الجانب اللبناني من الحدود مع دولة الاحتلال هادئ، وأنه يتابع الأحداث عن كثب، مؤكدًا أن جميع وحداته تُنفذ مهماتها على طول الحدود بالتعاون مع قوات الأمم المتحدة لمنع التصعيد أو زعزعة الاستقرار في المنطقة.

ويُمكن القول إن أغلب الآراء تميل إلى أن الأمور ستبقى على هذا النحو معلقة بين الهدوء والتصعيد ما لم يسقط ضحايا من الجانبين الإسرائيلي واللبناني، لكن مع سقوط أول قتيلٍ ستذهب الأمور نحو تصعيد كبير. أما نتنياهو، فيأمل -دون شك- في الخروج من هذه العملية العسكرية بتدمير ما يستطيع من أنفاق، دون ضحايا، ودون حربٍ أو حتى جولة تصعيدٍ عسكري، من أجل تسجيل “انتصارات” تُعيد له كرامته التي أهدرتها المقاومة في غزة، وتهم الفساد التي تُلاحقه، وهو الهدف الأول من هذه العملية.