شبكة قدس الإخبارية

"لعبة الحياة والموت"

عفاف ربيع

إدمان النساء في المجتمع الفلسطيني بين المطرقة والسنديان

تعد ظاهرة الإدمان عامة، وتعاطي وإدمان المخدرات خاصة من المشاكل الخطيرة التي تهدد صحة الشباب النفسية والصحية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية، ومجتمعنا الفلسطيني حاله حال المجتمعات الأخرى يعاني من هذه الآفة الفتاكة والتي تتجلى خطورتها فيما تحدثه من أضرار خطيرة على مستوى الفرد والأسرة والمجتمع.

وأصبحت مشكلة يلمسها جميع أفراد المجتمع الفلسطيني بكافة مهامهم، وقد أظهرت عدة دراسات بان هنلك تزايد ملحوظ في نسبة اعداد المتعاطين والمدمنين مع الاشارة الى تورط الاناث بذلك رغم أن نسبة الإناث المضبوطات في قضايا مخدرات مقارنه مع الذكور لا تتعدى 1% لكن ما تم ملاحظته في الثلاث سنوات الأخيرة أن هناك تزايد ملحوظ في عدد الإناث اللواتي يطلبن المساعدة والاستشارة، والعمل مع الإناث المدمنات، جعلنا نطرح عدة تساؤلات في ظل المعيقات التي تواجه المرأة المدمنة من التوجه للعلاج وخاصة أن هناك إهمال وتهميش واضح لقضية إدمان النساء في المجتمع، على مستوى التدخل والعلاج.

موت صامت: تموت المرأة المدمنة عشرات المرات يوميًا تحت وطأة الألم والخوف من انكشاف أمرها. تضطر لعمل المستحيل للتغطية على وضعها. ومن قررت أن تذهب للعلاج تجد أبواب موصدة فالخدمات المتوفرة هي للمدمن الذكر وليس للمرأة وهذا التميز في تقديم الخدمة يجعلها تدور في دائرة الوصمة والخوف من المجتمع يطبق عليها سنديان انعدام الخدمات ويعزز بمطرقة الخوف والوصمة، المرأة المدمنة كانت لها حياة تشبه حياتنا كانت لها طفولة تشبه طفولتنا.

غالبية من تورطن بالمخدرات هن بنات لأسر أحد افرادها مارس العنف عليهن، هن بنات لأسر أحد أفرادها مدمن مخدرات.

النساء المتعاطيات والمدمنات هن..

  • الغالبية متزوجات ومنهن مطلقات لديهن أطفال
  • تعليمهن للمرحلة المتوسطة
  • يعشن في أسر أحد أفرادها متعاطي (الأخ، الأب، الزوج)
  • الغالبية كانت المرة الأولى مع ومن خلال الزوج أو الشريك العاطفي
  • ينتمين لأسر غير مستقره اجتماعيا واقتصاديا
  • تعرضن للعنف بأشكاله من أفراد الأسرة والبعض لتحرشات واعتداءات جنسية من داخل وخارج الأسرة
  • بداية التعاطي كانت مع مادة الحشيش وحبوب الاكستازي والكحول
  • غالبيه النساء اللواتي وصلن لمقدمي الخدمات العلاجية والأرشاديه كن في مرحلة الاحتراق "مرحلة متقدمة من الإدمان"
  • البعض ارتبط تعاطيها بسلوكيات تتسم بالانحراف وغير مقبولة اجتماعيًا لتدبير ثمن المخدرات
  • لديهن توتر في العلاقة مع الأهل قبل وبعد الإدمان
  • بداية التعاطي كانت لمادة الحشيش والماريجوانا قبل الانتقال لمخدرات اخرى

فكانت الاسباب والدوافع وراء تورطهن في التعاطي والادمان على المخدرات  

  • المشاكل العائلية والعنف الأسري الموجه لهن بكافة أشكاله
  • العلاقات العاطفية مع شباب لهم علاقة مع المخدرات سواء تعاطي أو ترويج
  • الأغرار بالنساء لتجربة المخدرات وخاصة من الزوج وذلك إما من أجل المتعة الجنسية أو لاستغلال المرأة من أجل تدبير نفسه بالمخدرات "استغلالها جنسيا"
  • الجهل وعدم الوعي
  • من خلال الأصدقاء والفضول

6 – وحسب بعض الأطباء النفسين أن البعض تورطن بالإدمان دون أن يعلمن بمشكلة إدمانهن نتيجة لسوء استخدام أحد الأدوية المثبطة والمهدئة.

7- إدمان بعض النساء ارتبط بوجود مشاكل واضطرابات نفسية لم تعالج في البدايات مثل الأرق والمزاج الحاد التوتر والاكتئاب والإحباط.

وارى أن إدمان النساء تمركز في الجوانب التالية:

  • نفسيا: حيث عبرت المرأة المدمنة عن حرمانها العاطفي وإهمالها وخاصة من الأسرة باللجوء إلى أصدقاء متعاطين واتخاذ المخدر كتعويض عن هذا الاحتياج.
  • اجتماعيا: وأعتقد أن الحياة القاسية التي عاشتها النساء المدمنات في ضمن أسر مفككة وغير مستقرة وتتسم بالعنف بكافة أشكاله وتمارسه على أبنائها جعلهن يلجأن إلى الهروب من واقع مؤلم اتجاه المخدر بحثا عن النسيان.
  • البحث عن المتعة في ظل مفاهيم ومعلومات خاطئة وجهل لدى المرأة المدمنة.
  • من أجل العلاقات العاطفية والجنسية.

لذا نرى أن النساء المدمنات عشن ظروف نفسية اجتماعية قاهرة قبل التعاطي وزادت حدة بعد التعاطي والإدمان، فحياتهن مهددة من المادة المخدرة ومن الأهل الغير متقبلين لهن فالبعض من النساء تم تسريحهن على الخروج من حياة أسرهم والعيش في بيئات موبوءة مما يعزز الاستمرار في الإدمان والانحراف الجنسي وفي ظل انعدام الخدمات الخاصة بعلاج النساء والخوف من الوصمة الاجتماعية الحادة اتجاه المرأة وتسامح المجتمع مع إدمان الذكر.

هذا يجعل المرأة المدمنة وبشكل غير واعي أكثر تدميرًا لنفسها من خلال الاستمرار بالتعاطي والانحرافات المرتبطة بالإدمان كوسيلة عقابية لذاتها وللأسرة والمجتمع الغير مساند لها، لذا تقع فريسة مجتمع غير متقبل مرضها يرفضها كانسه رغم أنها مريضه وتحتاج للرعاية كأي فرد في المجتمع يتم إقصائها أما للشارع أو تهميشها.

تلك اللعبة التي راهنت عليها لتكون الحياة كانت هي نفسها لعبة الموت، في موضوع الإدمان على المخدرات بشكل عام لأحد أفراد الأسرة، المرأة هي أكثر تضرراً سواء كانت زوجة أو ابنه أو أم.

كيف؟

عندما يدمن الابن كل المسؤولية في فشل الابن في الحياة ولجوئه إلى التعاطي تقع على المرأة الأم. وإذا أدمن الزوج وهو قد يكون وعلى الأغلب متعاطي قبل الزواج يتم إلصاق التهمه إلى الزوجة بأنها امرأة نكديه وأنها غير ملائمة له، أما ابنه أو أخت فان وصمه إدمان الأب أو الأخ تلاحقها في تقرير مستقبلها من حيث الزواج والارتباط لأن الوصمة لم ترتبط به لوحده فهي غطت كل أفراد أسرته المحيطين به.

كل هذا إذا كانت تعيش في أسره أحد أفرادها مدمن فكيف الحال إذا هي أدمنت؟

أن إدمان النساء يرتبط بالعديد من المشكلات النفسية والسلوكية والاجتماعية والتي من الصعوبة التسامح معها في ظل مجتمع شرقي متحفظ ينظر إلى العيب من خلال المرأة

وفي ظل انعدام خدمات الرعاية والتأهيل وحتى المختصين في التعامل مع إدمان النساء لما له من خصوصية يجعل موضوع طلب المساعدة من الأمور شبه المستحيلة خوفا من العار ولعدم توفر خدمات متخصصة وعدم الوثوق في الموجود.

لذا تستمر المرأة المدمنة بتخبطها كمن يعيش تحت مطرقة الإدمان وسنديان المجتمع ولا تجد نفسها إذا لم تتوفر لها المساندة الاجتماعية الكافية في أحضان الانحرافات الأكثر تعقيدا كان تصبح بائعه هوى من أجل الحصول على المخدرات.

لذا:

تعرض الكثير من النساء إلى العنف بكافه أشكاله وتعرض البعض لسفاح قربى وتحرش من خارج العائلة يحتاج إلى وقفه جدية مدروسة لكيفية تحصين الفتيات الصغار أمام الاحباطات والمواقف التي تبرز في مجال المخدرات.

ما تعانيه المرأه من اضطرابات وإشكالات نفسية قد يدخلها في متاهة الإدمان، والنساء المدمنات يحتجن لأهلهن بجانبهن، فالفتيات اللواتي ساندتهن العائلة كن أكثر قوة وحصانة وقدرة على طلب المساعدة والتعافي، فالنساء يحتجن بجانب الخدمات المساندة والمعونة النفسية والإجتماعية للبدء من جديد، لننهي معهن لعبة الحياة والموت..