شبكة قدس الإخبارية

تهديد وتفويض.. ماذا بعد الوطني وصمت التشريع؟

رولا حسنين

لا يمكن للناظر في كل أنحاء الضفة المحتلة، خاصة منطقة الوسط وخاصة رام الله، التي تمثل "الثقل السياسي"، -ولا أعلم إن كنتُ متأكدة من أنها تشكل الثقل السياسي حقاً أم لا- لا يخفى عليه حجم التفويض الذي لا يتعدى أكثر من بوسترات عريضة ويافطات ملوّنة تحمل كلمة "فوضناك" وصورة محمود عباس واتفقت كل اليافطات أنه "الرئيس"، فيما اختلفت بشخص المفوّض "مكاتب تكاسي، مجالس قروية، بلديات، مطاعم، كافيات، نوادي"، هذه الظاهرة ليست غريبة عنا، فالانتخابات المصرية الأخيرة أو الأصدق أن نقول الزيف المصري حمل مثل هذه الدلالات، فلا فرق لدينا عنهم!

حملة معد لها مسبقاً تحتوي تهديدات لغير المفوّضين، ورضى عن مَن فوّض، تهدف وفق قولها المُعلن إلى "دعم سيادة الرئيس في ظل الضغوطات التي تمارّس عليه لتمرير صفقة القرن التي أبرز ملامحها صهيونية القدس وأبو ديس عاصمة الفلسطينيين"، ولكن في خفاياها والمتابع للأحوال السياسية اليومية يدرك أنها دعم "لسيادة الرئيس" في المزيد من الضغوطات التي هدّد بها أهل غزة منذ أشهر، وبدأت بقطع رواتب الموظفين– على غير وصية عرفات التي أبكت عباس حين أوصاه برواتب الموظفين أواخر عهده- وآخر تهديد صدر عنه بأنه إذا لم تتمكن الحكومة في القطاع من الألف إلى الياء فإن عباس غير مسؤول عن أي شيء في القطاع!

نعم "سيادة الرئيس"، فأنت بريء من دم أكثر من 30 شهيداً ارتقوا في مسيرات العودة الكبرى التي اتفقت عليها الفصائل الفلسطينية جميعها، وأنت بريء من عوائل الشهداء في غزة، أنتَ بريء من كل طفل يكبر على فكرة أنه يعيش الحصار وأن رئيس شعبه –المنتهي ولايته- يعلن بلا خجل أنه متخلٍ عنه!، نعم "سيادة الرئيس" أنتَ بريء من كل مقاوم في غزة! بريء من كل جريح وبيت هدمه الاحتلال في 3 حروب على غزة، كنتَ الشاهد عليها ولكن كنتَ شاهد "....." وللقارئ الحق في ما أراد من اختيار كلمة يراها مناسبة!

نعم "سيادة الرئيس"، نهاية نيسان الجاري سيعقد المجلس الوطني جلسته التي لن تختلف عن جلساتكم السابقة إلا في المزيد من التهديد والوعيد لشعبك في غزة، لا للمحتل ولا لمعاونيه الغربان والعربان "الترامبييون والسلمانيون" وكل مَن اصطف معهم، ربما لا أحمّل هؤلاء فقط ما وصلنا إليه من ترهّل في القضية الفلسطينية، إنما صمتكم!

ولكن ماذا بعد الوطني؟ بعده المزيد من الإجراءات ضد كل صوت يعارضكم وينتقد بالمنطق سياستكم إن كنتم ما تمارسونه هو فعلاً سياسة، المزيد من الديمقراطية التي تفهمونها وفق مصلحتكم ليس إلا، المزيد من القمع والأسرى السياسيين في سجونكم، والمزيد من التنسيق الأمني، والمزيد من اللقاءات الرسمية بين وزراء السلطة "الفلسطينية" ووزراء حكومة النتن ياهو الذي أشاد بجنوده اللذين قتلوا أبناء شعبك السلميين في غزة.

وماذا عن إعلان التربية والتعليم عن تأجيل انتخابات مجالس الطلبة في الجامعات بالضفة إلى ما بعد جلسة الوطني؟ ما تبرير ذلك سوى محاولة حثيثة لثني أصوات شبابية متعددة لها قولها –معارضة للنظام السياسي- في الجامعات تحظى منذ سنوات بثقة الطلاب، وربما ايذاناً بحظرها أيضاً، فحظرها قبل إجراء الانتخابات سيتبعه ردة فعل أقل بكثير من حظرها اذا أجريت انتخابات واكتسحتها كما كل عام!.

ثم إن "قطاع غزة اقليم متمرد"، هل يمكن أن يعلن المجلس الوطني ذلك؟ بالتالي يشرّع باقي الشعب العقوبات المتوالية على قطاع غزة وشعبه؟ هل الذين فوّضوا "سيادة الرئيس" قبل أيام سيواصلون تفويضه ويكونوا يداً ضد غزة! غزة التي انتصرت في 3 حروب أمام جيش صهيوني محكم الاعداء والعدة! غزة التي انتصرت في صفقة وفاء الأحرار وخرّجت أسرى أبناء أطياف الشعب كله من الضفة قبل غزة! غزة التي حرصت على الانتقام لطفل القدس محمد أبو خضير قبل أي انتقام! غزة المحاصرة منذ 11 عاماً وما زالت ترفض الاستسلام أمام المحتل رغم أن البعض يعيش تحت "بساطير الاحتلال" ويعلن مفوّضوه أن الحكم في الضفة "لمنسق حكومة الاحتلال مردخاي فقط"! هل سنكون عوناً لغزة أم ضدها! سؤال للعاقلين فقط

إذا صمتنا أكثر فإن الصمت تشريع! وصمتنا سيكون مشرّعاً لكل كارثة ستحلّ بنا قريباً!