شبكة قدس الإخبارية

هل تدفع إجراءات عباس بغزة الفتحاويين نحو تيار دحلان؟

هيئة التحرير

غزة – خاص قدس الإخبارية: فَتَحَ إعلان حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) في قطاع غزة تجميد كافة أنشطتها وأعمالها احتجاجًا على القرارات والإجراءات الأخيرة التي اتخذها رئيس السلطة محمود عباس تجاه آلاف الموظفين التابعين لسلطته، الباب على مصراعيه بشأن مصير التنظيم الذي يعاني من صعوبات كبيرة في العمل وواقع معقد منذ أحداث الانقسام الفلسطيني منتصف حزيران عام 2007.

وأعلنت قيادة الحركة في بيان صادر عنها بشكل رسمي، اليوم الأحد، تجميد كافة الأنشطة والفعاليات على مستوى مختلف الأقاليم في القطاع حتى إشعار آخر وذلك رفضًا للإجراءات والقرارات الأخيرة التي تمت بحق موظفي السلطة الفلسطينية وإحالتهم للتقاعد المبكر بشكل إجباري عدا عن الخصومات المالية الكبيرة التي طالت رواتبهم.

وذكرت مصادر خاصة في الحركة لـ "قدس الإخبارية" أن القرار جاء بعد مشاورات واجتماعات عديدة جرت ومحاولات من أجل وقف الإجراءات التي اتخذت ضد آلاف الموظفين العموميين، إلا أن عدم استجابة الحكومة والسلطة لذلك أدى للإعلان عن القرار.

ورجحت المصادر أن تشهد الفترة المقبلة مزيدا من الإجراءات التصعيدية على مستوى قادة الحركة في غزة حال لم تتحرك اللجنة المركزية للحركة من أجل وقف الإجراءات، في ظل تصاعد حدة الغضب على مستوى القاعدة الشعبية والجماهيرية للحركة.

وذكرت المصادر أن إخلال قيادة الحركة واللجنة المركزية في العديد من الوعود التي طرحت خلال الفترة الماضية بعدم المساس برواتب الموظفين كونها ستؤدي إلى الإخلال بالقاعدة الشعبية للحركة على مستوى الأقاليم وستسهم في تصاعد شعبية تيار القيادي المفصول من الحركة محمد دحلان أدى لاتخاذ القرار من أجل تشكيل حالة ضغط على قيادة الحركة أملاً في وقف هذه الإجراءات.

ويجمع مختصون سياسيون على أن تحرك حركة فتح بغزة وأقاليمها لتجميد عمل التنظيم بشكل كامل في القطاع خطوة تصعيدية كبيرة ضد قيادة الحركة خصوصًا في ظل إدراكهم بالخطورة المحدقة بالتنظيم الذي يواجه عديد الإشكاليات بعمله في غزة.

الهروب نحو دحلان

ويقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة ناجي شراب لـ"قدس الإخبارية": "إن تحرك اللجان الإقليمية جاء بفعل إدراكهم خطورة القرارات والإجراءات التي تتخذها الحكومة والرئاسة ضد القطاع ومدى تأثيرها على تراجع شعبية الحركة في غزة".

ويؤكد شراب على أن "استمرار مثل هذه القرارات سيؤدي إلى توجه قاعدة كبيرة في الحركة نحو التيار الآخر المتمثل في القيادي المفصول من الحركة محمد دحلان، خصوصا في ظل حالة التباعد الجغرافي الحاصل بين غزة والضفة الغربية".

ويشير أستاذ العلوم السياسية إلى أن خسارة لجان الأقاليم التابعة لفتح في غزة وعدم تجاوب اللجنة المركزية لمثل هذه الخطوات سيشكل خسارة وضربة قوية للحركة وستتحول فتح إلى أقلية في القطاع، وقال: "الأصل أن يجري الاستجابة للنداءات والإجراء الأخير لأقاليم غزة".

ويستدرك شراب قائلاً:" الإشكالية أن قرارات التقاعد المبكر تحتاج إلى إجراءات، فكيف يمكن أن يرجع من أحيل للتقاعد إلى العمل مجددا، لكن تبقى خطوة تجميد العمل والفعاليات للتنظيم بشكل كامل في غزة رسالة قوية تحمل رسالة واضحة أن هناك خطرا قد يحلق بالحركة خصوصا في الوقت الذي يزداد تواجد تيار دحلان على الأرض".

ويلفت إلى أن تيار دحلان يقدم نفسه على أنه خط إصلاحي وجزء من التنظيم إذ يحمل رسالة للفتحاويين أنه قريب من الناس ومن معاناتهم اليومية وهو ما قد يشكل مدخلاً لتحول القاعدة بشكل كبير نحو تيار دحلان ويساهم في تعزيز فرصه وقوته.

ضرر لفتح

في السياق يرى الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل أن القرار الأخير للحركة في غزة بتجميد عملها من المرجح أن يلقى صدى لدى قيادة الحركة في الضفة الغربية، خصوصا وأن القطاع يعتبر إقليما كبيرا.

ويشدد عوكل في حديثه لـ"قدس الإخبارية" على أن استمرار الإجراءات والقرارات الأخيرة ضد موظفي السلطة تعتبر أفضل خدمة يقدمها الرئيس عباس لخصمه دحلان، حيث سيتولد المزيد من اليأس والحقد على القيادة الرسمية وستؤدي بهم للتوجه نحو تياره.

ويشير إلى أن القرار الأخير اتخذ من قبل قادة الحركة في غزة والأقاليم بعد إدراك كبير بحجم النتائج المترتبة على القرارات التي اتخذت مؤخرا من قبل السلطة الفلسطينية خصوصا وأن 90 في المائة من الموظفين هم من أبناء التنظيم وهو ما قد يلحق ضررا بشعبية الحركة.

عباس يعاند

في السياق، يصف الكاتب والمحلل السياسي أكرم عطا الله القرار الأخير لحركة فتح في غزة بالكبير وغير المسبوق كونه يوقف كافة أعمال التنظيم بشكل كامل، إلا أن فكرة التجاوب معه من قبل قيادة الحركة والرئيس عباس قد لا تكون حاضرة وموجودة.

ويؤكد عطا الله في حديثه لـ "قدس الإخبارية" على وجود إصرار كبير وحالة من العناد تجاه هذه الإجراءات بالرغم من التباعات التي قد تطال حركة فتح في القطاع إلا أنه لم تتخذ أي من الإجراءات التي توحي بإمكانية التراجع عن هذه القرارات.

ويوضح الكاتب والمحلل السياسي أن هذه الإجراءات القاسية تطال نواة ومؤيدي وأسر وقيادة حركة فتح في غزة التي باتت تسمع ما لا يروق لها وتجعلها تواجه ضغوطات كبيرة وواسعة من القاعدة الجماهيرية الفتحاوية، فكان لزاما عليها اللجوء لمثل هذه القرارات للخروج من الحرج.

ويشير عطا الله إلى أن دحلان هو المستفيد الأكبر من القرارات الأخيرة لعباس خصوصًا وأن الغاضبين من كوادر وعناصر الحركة على مختلف الأقاليم ستدفعهم استمرار هذه الإجراءات للذهاب نحو الانخراط في تياره الذي يعمل بشكل كبير في غزة.

ومنذ مطلع أبريل/نيسان الماضي أقدمت السلطة الفلسطينية على خصم 30 في المائة من رواتب الموظفين، قبل أن تقرر إحالة آلاف الموظفين المدنيين والعسكريين التابعين لها بغزة للتقاعد الإجباري المبكر تحت ذريعة الضغط على حركة حماس من أجل تسليم حكومة التوافق مهامها بشكل كامل بغزة.